الثانوية الإعدادية القاضي عياض ميسور

بسم الله الرحمن الرحيم.السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.مرحبا بكم في المنتدى .فهو منكم و اليكم.إذا كانت هذه زيارتك الأولى فندعوك للتسجيل و المشاركة الفعالة و الهادفة
الثانوية الإعدادية القاضي عياض ميسور

بسم الله الرحمن الرحيم.السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.مرحبا بكم في المنتدى .فهو منكم و اليكم.إذا كانت هذه زيارتك الأولى فندعوك للتسجيل و المشاركة الفعالة و الهادفة
الثانوية الإعدادية القاضي عياض ميسور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الثانوية الإعدادية القاضي عياض ميسور

*****منتدى التربية و التعليم و التواصل*****
 
الرئيسيةالقاضي عياضأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 آثار الإنترنت السالبة على المستخدمين

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ابن الجلالي




عدد المساهمات : 23
نقاط : 69
تاريخ التسجيل : 27/02/2011
العمر : 67

آثار الإنترنت السالبة على المستخدمين Empty
مُساهمةموضوع: آثار الإنترنت السالبة على المستخدمين   آثار الإنترنت السالبة على المستخدمين Emptyالإثنين 7 مارس 2011 - 6:29

آثار الإنترنت السالبة على المستخدمين
د. إسماعيل محمد حنفي*
2005-01-25
مقدمة:
لا ينكر أحدٌ التطور الهائل في نظم المعلومات في هذا العصر، حيث أصبح الاعتماد كبيراً على الحاسب الآلي في شتى مجالات الحياة بالنسبة للأفراد والهـيئات والمؤسسات، ثم بعد ذلك أضحى استخدام ما يُعْرَف بشبكات المعلومات (الإنترنت) أمـراً ذائعاً ومتاحاً لأغلب الناس. ولا شك أنه حقَّق لهم منافع ومصالح عديدة، ولكن في المقابل كانت له آثار سالبة كذلك شأن أعمال البشر التي يعتريها النقص دائماً.
ومن هذا الباب أحببنا أنْ نطرق جانباً من الجوانب التي حدّدها مؤتمر كلية القانون في جامعة اليرموك حول: (القانون والحاسوب)([1])، وهو الذي ينضوي تحت المحور الرابع: (الحماية القانونية لبرامج الحاسوب)، ومن ثَمَّ في الجزئية الرابعة، وهي: حماية حقوق منتجي ومستخدمي برامج الحاسوب.
وإنَّما أتناول هذا الموضوع من خلال تأصيل شرعي برؤيةٍ جديدة، تربط بين هذا الأمر الحادث وبين مقاصد الشريعة الإسلامية، فتركز على أهم الأشياء الضرورية التي ترعاها الشريعة الإسلامية لجميع رعاياها، ألا وهي : الدِّين، النفس، العقل، النسل، والمال.
وسأتناول الموضوع بإذن الله تعالى من خلال ستة مباحث وخاتمة، كما يلي:
المبحث الأول: مبحث تمهيدي:
أُعرِّف فيه بموضوع البحث، حيث أوضح المراد بالمصالح الضرورية الخمس، كما أعرِّف بالإنترنت، ومستخدمي الإنترنت، وما هي حاجتهم للحماية.
المبحث الثاني: آثار الإنترنت على الدِّين:
أتحدث فيه عن أهمية الدِّين بعد بيان المقصود به، ثم كيف تتم حماية الدِّين؟ ثم ما هي آثار الإنترنت الإيجابية والسالبة على الدِّين؟ ثم كيف تتحقّق الحماية الشرعية للدِّين لمن يستخدمون الإنترنت؟
المبحث الثالث: آثار الإنترنت على النَّفس:
أوضح فيه المراد بالنَّفس ورعاية الإسلام لها، ثم ما آثار الإنترنت سلباً أو إيجاباً على النفوس؟ وكيف تتحقّق الحماية الشرعية لمستخدمي الإنترنت.
المبحث الرابع: آثار الإنترنت على العقل:
أتناول فيه معنى العقل، وما المقصود برعاية الإسلام للعقل، وكيف يتم ذلك من خلال تشريعاته المتعددة؟ ثم آثار الإنترنت على العقل. ثم حماية مستخدمي الإنترنت من الآثار السالبة على عقولهم، وذلك من خلال رؤية شرعية.
المبحث الخامس: آثار الإنترنت على النَّسل:
أُبيِّن فيه معنى النسل، وكيف حرص الإسلام على رعايته؟ ولماذا؟ ثم ماذا يمكن أنْ يصيب الناس من خلال التعامل مع الإنترنت من خلال التجربة والممارسة، وكيف تتحقّق الحماية الشرعية لمستخدمي الإنترنت في هذا الجانب.
المبحث السادس: آثار الإنترنت على المال:
وفيه بيان لمفهوم المال، وأهميته، ورعاية الإسلام له، والآثار الواقعة عليه بالنسبة لمستخدمي الإنترنت، وكيف تتم حمايته.
الخاتمة:
أعرض فيها أهم النتائج التي توصلت إليها، ثم أقدِّم بعض التوصيات.
سائلاً ربي التوفيق والسَّداد ..
د . إسماعيل محمد حنفي
الخرطوم في 20 رمضان 1424هـ
المبحث الأول
مبحث تمهيدي
[1] المصالح الضرورية المرعيِّة:
يقول الإمام العِز بن عبد السلام ـ رحمه الله تعالى ـ: "الشريعة كلها مصالح، إمَّا تدرأ مفاسد أو تجلب مصالح، فإنْ سمِعتَ اللهَ يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ) فتأمَّل وصيّة بعد ندائه، فلا تجد إلاَّ خيراً يحثّك عليه، أو شرَّاً يزجرك عنه، أو جمعاً بين الحث والزجر، وقد أبان في كتابه ما في بعض الأحكام من المفاسد حثاً على اجتناب المفاسد، وما في بعض المصالح حثاً على إتيان المصالح"([2]).
ويقول الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ: "إنَّ الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وأنّها ترجِّح خير الخيرين وشر الشرين، وتحصِّل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما"([3]).
ويقول الإمام ابن قيِّم الجوزية ـ رحمه الله تعالى ـ: "إنَّ الشريعة مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدلٌ كُلّها، ومصالح كلها، وحِكمة كلهـا، فكل مسألةٍ خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحِكمة إلى العبث فليست من الشريعة، وإنْ أُدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده"([4]).
يتضح لنا من خلال تلك العبارات لعلمائنا الأجلاء أنَّ رعاية المصالح هدف أساسي للشريعة الإسلامية، وهو يتضمن درء المفاسد كذلك، إذ إنَّ درءها يُعَدُّ مصلحة.
ونجد أنَّ الإمام الشاطبي ـ رحمه الله تعالى ـ يقرِّر أنَّ الشريعة موضوعة لمصالح العباد على الأخلاق والعموم([5]). ثم يذكر هو وغيره من العلماء أنَّ أصول المصالح لها مراتب ثلاث هي : الضروريات، والحاجات، والتحسينات، وأنَّ الشريعة تقصد إلى المحافظة عليها بحسبانها أصولها العامة وقواعدها الكلية([6]).
فالضرورات:
هي التي تقوم عليها حياة الناس الدينية والدنيوية، ويتوقف عليها وجودهم في الدنيا ونجاتهم في الآخرة، وإذا فُقِدت هذه المصالح الضرورية اختلّ نظام الحياة وفسدت مصالح الناس، وعمّت فيهم الفوضى، وتعرَّض وجودهم للخطر والدمار والضياع والانهيار، وضاع النعيم في الآخرة وحلَّ العقاب.
وهي خمس: "حفظ الدين، والنَّفس، والنَّسل، والعقل، والمال"([7]).
يقول الإمام الشاطبي: "مصالح الدِّين والدنيا مبنية على المحافظة على الأمور الخمسة"([8]).
ويقول الغزالي: "وهذه الأصول الخمسة حِفظُها واقعٌ في رتبة الضرورات، فهي أقوى المراتب في المصالح"([9]).
وأمّا الحاجيات:
فهي: "الأمور التي يحتاجها الناس لتأمين شؤون الحياة بيُسر وسهولة، وتدفع عنهم المشقة، وتخفّف عنهم التكاليف، وتساعدهم على تحمُّل أعباء الحياة، وإذا فُقدت هذه الأمور لا يختل نظام الحياة، ولا يتهدَّد وجود الناس، ولا ينتابهم الخطر والدمار والفوضى، ولكن يلحقهم الحرج والضيق والمشقة، ولذلك تأتي الأحكام التي تتناول هذه المصالح الحاجية للناس، لترفع عنهم العسر، وتيسِّر لهم سُبل التعامل، وتساعدهم على صيانة مصالحهم الضرورية وتأديتها، والحفاظ عليها عن طريق الأحكام الحاجية، كالرُّخص في العبادات وأحكام المعاملات"([10]).
ثم التحسينات([11]):
ويراد بها: الأمور التي تطلبها المروءة والآداب والذوق العام، ويحتاج إليها الناس لتسيير شؤون الحياة على أحسن وجه، وأكمل أسلوب، وأقوم منهج، وإذا فُقِدت هذه الأمور فلا تختل شؤون الحياة، ولا ينتاب الناس الحرجُ والمشقـة، ولكن يحسُّون بالضجر والخلل، وتتقزّز نفوسهم، وتستنكر عقولهم، وتأنف فطرتهُم مِن فقدها. وهذه الأمور التحسينية ترجع إلى ما تقتضيه الأخلاق الفاضلة والأذواق الرفيعة، وتكمل المصالح الضرورية، والمصالح الحاجية على أرفع مستوى وأحسن حال.
وكلامنا هنا عن الضروريات بحسبان أنَّ ما دونها من الحاجيات والتحسينات يرتبط بها، كما قال الإمام الشاطبي: "والضروري أصلٌ لما سواه من الحاجي والتكميلي"([12])، وقال: "إذا ثبت أنَّ التحسيني يخدم الحاجي، وأنَّ الحاجي يخدم الضروري ؛ فإنَّ الضروري هو المطلوب"([13]).
ولارتباط موضوعنا في هذا البحث بالمصالح، فإننا نركِّز على الضروريات الخمس، التي نحسب أنَّ أهم المصالح المطلوب مراعاتها وأهم المفاسد المطلوب درؤها لا تخرج عنها، "فالضروريات هي أصل المصالح"([14]).
ومن المهم هنا بيان أهم سمات تلك المصالح التي نتحدث عنها، فهي مصالح عامة، وهذا العموم يشمل: الأحكام، والأشخاص، والأحوال، والأزمنة، والأمكنة.
وذلك لأنّ مراد الشارع من الشريعة أنْ تكون مصالح على الإطلاق، وبالتالي فلا بُدَّ أنْ يكون وضعها على ذلك الوجه أبدياً وكُلياً وعاماً في جميع أنواع التكليف والمكلَّفين، وجميع الأحوال([15]).
وهذا يقتضي أنْ يدخل غير المسلمين في رعاية هذه المصالح، إذ إنَّ أحكام الشريعة موضوعة لصالح العباد بإطلاق، فتعيَّن أنْ تكون هذه المصالح عامةً لجميعهم، لا لبعضٍ دون بعض([16]).
ومما يؤكِّد ذلك أنَّ الضروريات الخمس مراعاة في كل الشرائع السماوية، يقول الإمام العز بن عبد السلام: "إنَّ الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب لإقامة مصالح الدنيا والآخرة، ودفع مفاسدها"([17]).
ويقول أيضاً: "واتفق الحكماء على ذلك، وكذلك الشرائع على تحريم الدماء، والأبضاع، والأموال، والأعراض"([18]).
ويقول الإمام الغزالي: "وتحريم تفويت هذه الأمور الخمسة، والزجر عنها، يستحيل ألاَّ تشتمل عليه مِلَّة من المِلَل، أو شريعة من الشرائع التي أُريد بها إصلاح الخلق، ولذا لم تختلف الشرائع في تحريم الكفر، والقتل، والزنا، والسرقة، وشُرب المسكِر"([19]).
[2] الإنترنت:
"لفظ (إنترنت) هو اختصار لمصطلح (الشبكة الدولية). ويُطلق على شبكة الإنترنت أيضاً: (شبكة الشبكات)، وكذلك (الشبكة الأم).
وشبكة الإنترنت تتكون من المئات من أجهزة الكمبيوتر المرتبطة في شبكات. وتسمح شبكة الإنترنت بتداول ونقل البيانات والمعلومات من جهاز كمبيوتر إلى آخر داخل الشبكة.
وتعني كلمة (NET) أي الشبكة، على أنها قالب خالٍ (FICTIONALMARTIX) أو نسيج عنكبوتي (WEP). وتمثل الشبكة البنية الأساسية للمعلومات العالمية، ويمكن الوصول إلى المعلومات مِن على شبكة الإنترنت عن طريق الدخول عبر سلسلة من البوابات التي توصل كل منها للأخرى([20]).
تاريخ شبكة الإنترنت:
"في ظل الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي ـ سابقاً ـ عملت وزارة الدفاع الأمريكية على إنشاء ما يُعرف بـ (وكالة مشروعات البحوث المتقدمة)، وكان هدف هذه الوكالة إجراء الأبحاث في مجال الدفاع، لضمان تفوُّق أمريكا في مجال أبحاث الدفاع، خاصةً بعد أنْ أطلق الروس مركبتهم الفضائية "سبرتينيك" سنة 1957م. وتَمَّ تجنيد جميع الإمكانات المتاحة لدى معظم الجامعات الأمريكية لربط أربع جامعات أمريكية لتسهيل عملية تبادل الأبحاث بينهم. أُطلق على هذه الشبكة اسم "أربانيت".
وفي عام 1972م تَمَّ ربط معظم الجامعات الأمريكية بشبكة "أربانيت"، وتبَّنت أمريكا شبكة "أربانيت" باعتبارها شبكة بيانات دفاع.
وفي عام 1983م انقسمت شركة "أربانيت" إلى جزءين: شبكة الاستخدامات العسكرية، وشبكة للاستخدامات المدنية.
وفي عام 1986م قامت المؤسسة القومية للعلوم بإنشاء شبكة (NSFNET) وهي عبارة عن شبكة مكوَّنة من خمسة مراكز لأجهزة الكمبيوتر العملاقة. بعد ذلك سعت الجامعات إلى الانضمام إلى هذه الشبكة من أجل إجراء البحث العلمي وتبادل المعلومات بين الجامعات والباحثين([21]).
الخدمات التي تقدمها شبكة الإنترنت([22]):
[1] تبادل الملفات بين المتعاملين على الشبكة:
فيستطيع أيّ متعامل مع الشبكة أنْ ينقل إلى جهازه الشخصي الملفّ الذي يحتاجه من أي مكان في العالم خلال بوابة معدودة.
[2] خدمة البريد الإلكتروني:
وهي عبارة عن خدمة توفرها شبكة الإنترنت، يستطيع الشخص بواسطتها أنْ يستقبل و يرسل رسائل إلكترونية إلى أي شخصٍ في العالم بشرط أنْ يكون للشخص المرسل إليه الرسالة بريد إلكتروني. وهناك مواقع على شبكة الإنترنت توفر هذه الخدمة بالمجان، ومواقع أخرى توفرها نظير مقابلٍ مالي. ولضمان سرية الرسائل يقوم الشخص بعمل كلمة مرور سرية خاصة به لا يطلّع عليها أحد. وذلك حتى لا يستطيع أحدٌ الاطلاع على رسائله الخاصة، ويمكن معرفة أنَّ هناك رسالة على البريد الإلكتروني عند ظهور إشارة معيَّنةٍ عند فتح جهاز الكمبيوتر.
[3] إجراء المحادثات:
يمكن إجراء مكالمة صوتية، وذلك باستخدام بعض الأدوات بالإضافة إلى برنامج يتيح هذه الخاصية، والاتصال بهذه الطريقة يكون أقل تكلفة عادة من الاتصال العادي.
[4] الألعاب:
تحتوي شبكة الإنترنت على العديد من الألعاب، والتي يمكن أنْ يشترك فيها أشخاص من جميع أنحاء العالم.
[5] التجارة الإلكترونية:
وهو ما يُعرف بالتسوُّق عبر الإنترنت، فيمكن للشخص أنْ يشتري أيّ سلعةٍ معروضةٍ على شبكة الإنترنت، وذلك عن طريق استخدام بطاقة الائتمان "الفيزاكارت"، ويتم ذلك عن طريق إعطاء البائع البيانات الخاصة ببطاقة الائتمان والرقم السري لها، فيقوم البائع بخصم ثمن السلعة من البطاقة.
وغالباً ما يتخوَّف الأفراد عبر الإنترنت من أنْ يطلِّع أحدٌ على بيانات البطاقة والرقم السري فيقوم باستخدام هذه البيانات في شراء سلعة أخرى لحسابه الشخصي.
[6] استخدامات أخرى:
هناك العديد من استخدامات الإنترنت، منها: التعرف على الأخبار العالمية والمحلية عن طريق الدخول إلى مواقع الشبكات العالمية الإخبارية، وكذلك تصفُّح الجرائد اليومية، والمجلات، والكتب. وكذلك يستخدم الإنترنت في تسهيل القبض على المجرمين الهاربين، والتنبّؤ بالجرائم، والبحث عن الأشخاص المفقودين.
كما يستخدم الإنترنت في مشاهدة الأفلام، والاستماع للمحاضرات، والخطب، والأغاني، .. إلخ .
[3] مستخدمو الإنترنت([23]):
هم الأشخاص الذين يدخلون على أحد مواقع شبكة الإنترنت، عن طريق استخدام الوسائل الفنية اللاّزمة لذلك..، ومستخدم الإنترنت إمَّا أنْ يكون متلقياً للمعلومة من على الإنترنت، وإمَّا أنْ يكون مرسلاً للمعلومة.
هل يحتاج مستخدمو الإنترنت إلى حماية؟
نعم يحتاجون إلى حماية، وهي حماية لها جانبان:
[أ] الجانب الأول: حماية لهم من أنفسهم:
وذلك لأنَّ مستخدم الإنترنت إمَّا أنْ يتلقى معلومة من الإنترنت أو يرسل معلومة كما ذكرنا آنفاً. ففي الوضع الذي يتلقى فيه المعلومة قد تثور مسؤوليته الجنائية إذا كان تحصُّله على هذه المعلومة قد تَمَّ بطريق غير مشروع، فمثلاً إذا كان الموقع يوفر هذه المعلومة مقابل دفع مبلغ نقدي عن طريق استخدام بطاقة الائتمان، وأراد المستخدم الحصول على هذه المعلومة بأنْ أدخل بيانات بطاقة مسروقة مثلاً، فهنا يشكِّل الفعل جريمة. كذلك إذا قام المستخدم بتجميع صورٍ مُخِلّةٍ بالآداب عن طريق استخدام الإنترنت، وحمَّلها على جهازه، وكذلك إذا قام بنسخ مُصنَّفٍ أدبي أو فني محمي، فهذا الفِعل يُعدُّ معاقباً عليه طبقاً للقوانين الجنائية.
ففي مثل هذه الحالات يحتاج مستخدم الإنترنت إلى حماية من نفسه، بأنْ يُنهى عن مثل هذه التصرفات، ويوضح له حكم القانون والشرع في الدنيا، ثم عواقب فعله في الآخرة ليرتدع عن القيام بأي عمل يجلب عليه ضرراً.
[ب] الجانب الثاني: حماية لهم من غيرهم:
أي أنَّ مستخدمي الإنترنت قد يقوم الواحد منهم بإرسال معلومة فيها ضرر بالآخرين مثل: عبارة فيها قذف أو سب في حق شخصٍ ما، أو التحريض على عملٍ ممنوع، أو نشر شائعات كاذبة، أو تشويه سمعة شخصٍ ما، أو تزوير معلومات أو صور عنه، أو إرسال صور فاضحة مثلاً.
وقد حدث في مصر ـ مثلاً ـ أنَّ شخصاً ادّعى كذباً وجود سفَّاح في مدينة نصر مما تسبب في إثارة الرعب بين سكان المدينة!
وكذلك مهندس مصري أقام موقعاً على الإنترنت يحرَّض فيه الأفراد على ممارسة الشذوذ الجنسي، وتم القبض عليه وقُدم للمحاكمة.
ففي مثل هذه الحالات يحتاج مستخدمو الإنترنت إلى حماية مما يمكن أنْ يَرِدَ عليهم ـ رغماً عنهم ـ من مستخدمين آخرين.
المبحث الثاني
آثار الإنترنت على الدِّين
جاء الإسلام لخير البشرية كلها، يحقِّق لها المصالح، ويبعد عنها المفاسد والأضرار. وأوْلَى تلك المصالح بالتحقيق والعناية المصالح الضرورية، التي يتوقف عليها وجود الناس في الدنيا ونجاتهم في الآخرة.
ويرعى الإسلام تلك المصالح الضرورية بتشريع الأحكام التي: تحفظ الدِّين، وتحفظ النَّفس، وتحفظ العقل، وتحفظ النَّسل ـ العرض أو النَّسب ـ، وتحفظ المال([24]).
وفيما يلي نتناول المصلحة الضرورية الأولى، وهي حماية الدِّين، موضحين المراد بها وكيف تكون عموماً، ثم آثار الإنترنت عليها، وكيف تكون الحماية.
أولاً : المراد بحفظ الدِّين :
والمراد بذلك: "حفظ الدِّين على أصوله المستقرة وقواعده المحدَّدة، وذلك بإيضاح الحُجَج والرّد على البدع والشبهات، ليكون الدِّين محروساً
من خلل، والأُمَّة ممنوعة من زلل"([25]).
وذلك أنَّ الدِّين الحق مصلحةٌ ضروريةٌ للناس، لأنّه ينظم علاقة الإنسان بربه وعلاقة الإنسان بنفسه، وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان ومجتمعه، والدِّين الحق يعطي التصوُّر الرشيد عن الخالق، والكون، والحياة، والإنسان، وهو مصدر الحق والعدل، والاستقامة والرشاد.
والدِّين الذي نقصده هو: الإسلام، بمعناه الكامل، الذي يعني الاستسلام لله سبحانه وتعالى، ودعـا لـه الأنبيـاء جميعاً، وخصَّهُ ربنا بقولــه تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ )([26])، وقوله تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )([27]). وقد شرع الإسلام أحكام الدِّين، وتكفَّل الله تعالى ببيانه للناس منذ لحظة وجودهم على الأرض فقال تعالى: (قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )([28])، وأناط الله تعالى التكليف والمسؤولية بعد بيان الدِّين، فقال سبحانه وتعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً )([29]). فبيَّن الشرع أحكام العقيدة والإيمان كاملة في آيات كثيرة، وشرع الإسلام أركان الدِّين الخمسة، وبيَّن أنواع العبادات وكيفيتها، لتنمية الدِّين، وترسيخه في القلوب، وإيجاده في الحياة والمجتمع، ونشره في أرجاء المعمورة، وأوجب الدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور"([30]).
ولأجل حماية الدِّين شرع الله الجهاد في سبيله: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ )([31])، كما شرع العقوبات الحدية والعقوبات التعزيرية، صيانةً للدِّين من العبث، وإبعاداً للناس عن التخبط في العقائد والعزوف عن منابع الإيمان، ولحفظهم من مفاسد الشرك، والضلال، وحتى لا يسفَّ العقل في تأليه الطواغيت وعبادتها، فينقذ البشرية من الاعتقادات الباطلة، والعبادات المزيَّفة، والترانيم السخيفة"([32]).
ثانياً: آثار الإنترنت على الدِّين:
بعد أنْ اتضح لنا المقصود بحماية الدِّين، ومن خلال النظر في ما يُبث من خلال شبكة الإنترنت؛ تظهر لنا بوضوح الآثار السالبة التي تقع على مستخدمي الإنترنت في أعزّ ما يملكون ألا وهو دينهم. ويمكننا أنْ نلخص تلك الآثار في الآتي:
زعزعة العقائد وإحداث الاضطرابات فيها:
وذلك من خلال بعض المواقع التي تركِّز على بث الشبهات حول الدِّين، والتشكيك في الثوابت والمسلَّمات كأصول الإيمان، وأركان الإسلام، والواجبات، والمحرمات.
وكذلك إحداث خلخلة في تصورات الناس عن الخالق، والكون، والحياة، وعلاقة الإنسان بكل ذلك، ومفهوم الدِّين.
الإساءة إلى الدِّين:
عن طريق السخرية والاستهزاء، والسَّب، والطعن في القرآن الكريم، والحط من مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونسبة النواقص والقبائح إلى الدِّين.
الترويج للعقائد والأفكار الباطلة:
مثل الفكر الإلحادي أو الوجودي، وإظهار العقائد الباطلة بصورة برّاقة جذّابة كأسلوب لدعوة الناس إليها.
ولا شك أنَّ ذلك يؤثر في كل مَنْ لا علم له، ومن كان صاحب هوى، وهُم كُثرٌ للأسف.
ولا يعني ذكر تلك الآثار السالبة أنّه لا توجد آثار إيجابية، فمن تلك الآثار:
التعريف بالدِّين([33]):
حيث إنَّ كثيراً من النَّاس كانوا محرومين من القراءة أو السماع عن الإسلام، بسبب التعتيم الذي تفرضه دولهم على الإسلام، بل والتضليل الذي تمارسه كثير من الدول أو الجهات المعادية للإسلام، فأتاح الإنترنت فرصاً كبيرة لأولئك للاطلاع على الحقائق من خلال المواقع الإسلامية.
نشر الوعي بين المسلمين:
إنَّ التعريف بالإسلام ليس هو حاجة مُلِحَّة لغير المسلمين فقط، بل لأنَّ الكثير من المسلمين ينقصهم الفقه والعلم بأحكام دينهم، والمعرفة بأحوال إخوانهم وأخبارهم، وقد أثر الإنترنت كثيراً في هذا الجانب، ولذا لا نستغرب إذا وجدنا أنَّ المواقع الإسلامية تشهد إقبالاً كبيراً من قِبَل مستخدمي الإنترنت، فهُم بين قارئ ومشارك برأي، ومستفتٍ عن قضية أو مسألة..([34]) وهكذا.
الرد على الشبهات المثارة ضد الإسلام والمسلمين:
وذلك بكشف تلك الشبهات، ثم دحضها بالأدلة والبراهين القاطعة. وهذا ما تقوم به بعض المواقع المفيدة([35]).
هذه بعض الآثار الإيجابية، حاولت جاهداً تلخيصها فيما ذكرت.
ثالثاً: كيفية حماية هذه المصلحة الضرورية:
إنَّ حماية هذه المصلحة الضرورية ـ التي تأتي في مقدمة
المصالح ـ لمستخدمي الإنترنت تكون بالآتي:
تقوية الوازع الديني لدى الناس:
ويكون ذلك ببث المواد الدينية والتربوية، بصورة مكثفة عبر أجهزة الإعلام ومؤسسات التربية. وينتظر أنْ يؤدي ذلك إلى تكوين ثقافة قوية تشكل واقياً مناسباً من الانحرافات في الفكر والسلوك.
تنبيه الأُسَر إلى القيام بدورها في توعية وتربية أبنائها دينياً،
مع أهمية وجود القدوة الحسنة لهم من الكبار. ثم التوعية بالإنترنت ما له وما عليه، والتحفيز على الاتجاه نحو النافع المفيد من المواقع واجتناب الضار منها، على أنْ تكون هناك رقابة حكيمة من أولياء الأمور، تتابع تصرفات الأبناء وسلوكياتهم وتمضية أوقات فراغهم، وأصحابهم. مع أهمية تحديد برامج أو مواقع تحوز على الاهتمام المشترك بين الآباء والأبناء ليشتركوا في الدخول إليها، ويمكن أنْ تشكِّل لديهم ثقافة مشتركة مهمة تحول دون الدخول إلى مواقع أخرى([36]).
قيام المفكرين والعلماء
ـ بالتعاون مع أصحاب المال من
الأخيار ـ بإنشاء مواقع إسلامية متكاملة في شتى مجالات الحياة والمعرفة الإنسانية، تستفيد من كل التجارب السابقة، وتكون لها هيئات استشارية من أهل العلم، والتجربة، والدعوة([37]).
التعريف بالمواقع الإسلامية
التي يمكن أنْ تساعد في تحصين الناس ضد الشبهات المثارة على الدِّين. وكذلك المواقع الأخرى المفيدة في الثقافة العامة.
النظر في إمكانية وضع ميثاق شرف يوقِّع عليه كل أصحاب المواقع المهتمة بشأن الأديان والثقافات والأفكار المتداولة، يتضمن احترام الآخر وعدم الإساءة.
النظر في إمكانية وضع قوانين صارمة تنظم شأن المواقع، والدخول إليها والآثار المترتبة على الدِّين سلباً.
المبحث الثالث
آثار الإنترنت على النَّفْس
لقد خلق الله تبارك وتعالى النَّفس، وهو وحده سبحانه الذي يشرع للناس ما يكون به تعاملهم تجاه تلك النَّفس من حيث الإحياء أو الإزهاق: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً )([38]). (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ )([39]). ومن هنا تأتي أهمية المحافظة على النَّفس.
أولاً: المراد بالنّفس وحفظها:
"المراد بها النَّفس الإنسانية، وهي ذات الإنسان، وهي مقصودة بذاتها في الإيجاد والتكوين، وفي الحفظ والرعاية.
وشرع الإسلام لإيجادها وتكوينها: الزواج، للتوالد والتناسل، ولضمان البقاء الإنساني، وتأمين الوجود البشري من أْطهر الطرق وأحسن الوسائل، ولاستمرار النوع الإنساني السليم على أكمل وجهٍ وأفضله وأحسنه، ثم حرَّم الزنا، وبقية أنواع الأنكحة الفاسدة الباطلة التي كانت في الجاهلية وتسود في الظلام، ومنع المومسات والخوادن، واستئجار الرجل لنسله، وتعدُّد الرجال.
وشرع الإسلام لحفظ النَّفس وحمايتها وعدم الاعتداء عليها، وجوب تناول الطعام، والشراب، واللباس، والمسكن، وأوجب القصاص والدِّية والكفارة، وحرَّم الإجهاض، والوأد… وحرَّم الإسلام الانتحار، لأنه اعتداء على النَّفس الإنسانية… وطلب الإسلام البُعد عن كل ما فيه هلاك محقَّق للجسم، أو خطر محدق أو ضرر منتظر، وحرَّم كل ما يضر بالجسم، أو يوهنه أو يضعفه، واتخذ جميع الوسائل لحفظ الحياة، وبذل الطاقة في صيانتها وسلامتها، والعناية بكمال الصفات وكمال البدن، وحرَّم لحم الخنزير والميتة والدم، لضررها بالجسم وفساد تركيبها، وحذَّر من الأمراض، وخاصة الأمراض المعدية، وشرع التداوي … وطلب الاعتدال في الطعام والإنفاق والشراب، وغيرها من الطيبات، وأنكر الامتناع عن الطعام زهداً وتقشفاً"([40]).
ثانياً: آثار الإنترنت على النفوس:
التهديد بالقتل:
وذلك كثير، وهو يؤثر في زعزعة النُّفوس واضطرابها. ويحدث في أرقى المجتمعات، حيث أدانت إحدى المحاكم الفرنسية أحد الجناة، لأنه بعث برسالة تهديد بالقتل عن طريق البريد الإلكتروني إلى أحد رجال السياسة([41]).
القتل:
فمثلاً وقعت جريمة من رجلٍ كانت زوجته موضوعة تحت جهاز الـ Monitoring، ودخل عن طريق شبكة الإنترنت إلى شبكة المعلومات الخاصة بالمستشفى، وقام بتغيير المعلومات الطبية لزوجته المريضة، وغيَّر الجرعات الخاصة بها، وقامت الممرضة بتنفيذ التعليمات الخاصة بالأدوية ـ دون علمٍ بما حدث ـ الأمر الذي تسبَّب في قتل المريضة([42]).
تبسيط وتهوين عملية إزهاق النُّفوس، وتنبيه الناس إلى كيفية القتل وتفادي يد القانون.
وكذلك تشجيع الانتحار لا سيما بوساطة بعض الجماعات المنحرفة ذات العقائد الضالة.
ثالثاً: حماية المستخدمين من آثار الإنترنت على نفوسهم([43]):
مع تسليمنا بأنَّ أنجع الوسائل للحيلولة دون وقوع ما يمس النَّفس الإنسانية في وجودها هو تطبيق العقوبات الشرعية الرادعة: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )([44])؛ إلاَّ أنَّ ذلك لا يمنع من اتخاذ كل التدابير الممكنة لوقاية النفوس من القتل، ونقصد هنا نفوس أولئك الذين يستخدمون الإنترنت أو يكونون على علاقة به بوجه من الوجوه. ومن ذلك مثلاً: عدم إعطاء معلومات عن مكان السكن أو عن الساكنين، وعدم الرد على أيّ رسائل إلكترونية مجهولة المصدر، وتوجيه أفراد الأسرة ـ ولا سيما الأطفال ـ إلى عدم إخفاء أي معلومة أو رسالة غريبة تسلموها، وعدم مقابلة أشخاص تَمَّ التعرُّف عليهم عن طريق الإنترنت. وكذلك التحذير من بعض المواقع التي تشجِّع على صنع بعض الأشياء الخطرة، مثل ما يظهر على بعض المواقع من توضيح لكيفية صنع القنابل.
كما لا بُدَّ من السعي لإيجاد السبل الكفيلة بحماية المواقع من الذين يتسللون إليها ويقومون بأعمال ضارة قد تتسبب في إزهاق الأرواح. وهؤلاء يعرفون بـ (قراصنة الإنترنت).
المبحث الرابع
آثار الإنترنت على العقل
العقل تلك الجوهرة العظيمة ـ التي أنعم الله تعالى بها على بني آدم وميَّزهم بها عن سائر الكائنات الأرضية ـ أمر سبحانه بالمحافظة عليه، حيث إنّه يتم التمييز به بين الخير والشر، والضار والنافع، والحلال والحرام، ومن ثَمَّ لا يكون التكليف إلاَّ للعقلاء، ولا يحسُن بأولئك العقلاء أنْ يفرِّطوا في عقولهم حساً بالإضرار بها، أو معنىً بتعطيلها عن مهامها وعدم استخدامها لفهم الأمور وإدراكها، إذ ينحطون بذلك إلى مستوى الدواب: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ )([45]). ومن هنا يأتي اهتمامنا بكل ما يؤثر على العقل.
أولاً: المراد بحفظ العقل:
والمحافظة على العقل هي المحافظة عليه من أنْ تناله آفة تجعل صاحبه عبئاً على المجتمع، ومصدر شر وأذىً فيه، وأنّها تثمر ثمراتٍ كثيرة منها:
[1] أنْ يكون كل عضوٍ من أعضاء المجتمع سليماً يمدُّه بعناصر الخير، فإنَّ كلَّ إنسان يعيش في المجتمع هو جزءٌ من بنائه، ويغذيه بكل عناصر القوة، فعقل كل إنسان ليس ملكاً خاصاًُ له، فإذا حصل خلل كانت ثغرة يتخلل منها الفساد، وتذهب بها قواه، فكان من حق المجتمع الفاضل أنْ يعمل على سلامة العقول التي هي أساس الإنتاج.
[2] أنَّ مَن يفسُد عقلُه يكون شراً على الجماعة، فوق أنه يكون عبئاً عليها تغذيه وتطعمه، فكان من حق الشرع الإسلامي الحفاظ على العقول، دفعاً للآثام ومنعاً من الشرور.
والوقاية تكون باتخاذ أسباب الحماية للعقول، وإنَّ الشرائع تعمل على الوقاية، كما تعمل على العلاج. من أجل ذلك عاقبت الشريعة الإسلامية شارب الخمر، وعاقبت القوانين الحاضرة ـ مع الشريعة ـ من يتناول الحشيش، فكلاهما شر وبيل على الأخلاق، ونقص للقوى العاملة.
[3] والإسلام كان منطقياً لأنه عاقب على النوعين؛ لأن كليهما يشترك في علة الحكم، وهو إضعاف العقول([46]).
ثانياً: آثار الإنترنت على العقل:
العقل يتأثر بما يشاهد أو يسمع أو يقرأ. والإنترنت فيه كل تلك الأمور الثلاثة. وقد أثبت الواقع أنَّ عقول مستخدمي الإنترنت تتأثر بالآتي:
تدمير عقول بعض المستخدمين:
عن طريق المخدرات التي يتم الترويج لها عن طريق الإنترنت، حيث يتم "تحديد طريقة تسليم المادة المخدِّرة وطريقة دفع المبلغ، وغالباً ما يكون الدفع عن طريق بطاقات الائتمان، وغالباً ما تكون المواد المخدِّرة من المواد المخلّقة التي يتم لصقها على الجبهة أو على المعصم، ويعمل مفعولها عن طريق امتصاص الجلد لها، وغالباً ما تُرسَل هذه المواد عن طريق البريد السريع الدولي"([47]).
إلهاء العقول وإشغالها بكثرة التقليب في مواقع الإنترنت غير المفيدة:
مما يؤدي إلى ظهور ما يشبه التبلّد واللا مبالاة عند بعض المستخدمين، ولا سيما أولئك الذين يركِّزون على مشاهدة الأفلام، مما لا يدفع العقل إلى التفكير ومن ثم يؤدي إلى خموله([48]).
الاعتداء على الإنتاج الذهني أو الفكري للآخرين:
وهو ما يُعرف ببراءات الاختراع، وحقوق المؤلفين، والملكية الفكرية. ويكون الاعتداء بالآتي:
• نشر مصنَّف بطريقةٍ غير التي عيَّنها مؤلفه لنشره.
• استغلال المصنَّف مالياً بدون وجه حق.
• إدخال تعديل أو تحوير على مصنفٍ ليس هو مؤلفه أو ترجمته إلى لغةٍ أخرى بدون إذن المؤلف.
• إدخال مصنَّفٍ منشور في الخارج إلى داخل البلد بقصد استغلاله بدون إذن المؤلف.
• تقليد مصنَّف واستغلاله.
وينطبق ذلك كله على برامج الحاسوب والإنترنت([49]).
ثالثاً: حماية عقول مستخدمي الإنترنت من آثاره السلبية:
لا يمكن أنْ يتم توفير الحماية إلاَّ بعد دراسة كافة الآثار المترتبة على استخدام الإنترنت على عقول المستخدمين، وكذلك معرفة الدوافع التي لدى كثير من المستخدمين للإقبال على الدخول إلى بعض المواقع والتأثُّر بها. ومن هنا فإننا نرى أنَّ توفير البديل المناسب من المواقع التي تبني العقول وتنشطها هو خطوة مهمة من خطوات الحماية.
وكذلك توفير الحصانة لهذه العقول عن طريق توجيهها لما يصلحها وفق المنهج الرباني الذي أمر بتقليب النظر والفكر في آيات الله تعالى المنظورة في هذا الكون، وفي آياته المسطورة في القرآن الكريم. كما لا بُدَّ من تكثيف التربية الإيمانية والتوعية بمخاطر الإنترنت على العقل إنْ لم تكن هناك ضوابط وموجهات للمستخدمين.
وكل ذلك يحتاج إلى برامج متكاملة، تتضافر لتحقيق تلك الحماية في ظل أنظمة وقوانين يتوافق عليها العقلاء، والمفكِّرون، وأهل القرار.
المبحث الخامس
آثار الإنترنت على النَّسل
"قامت بعض الشركات بدراسة عدد زُوَّار صفحات الدَّعارة والإباحية في الإنترنت، فوجدت إحدى الشركات أنَّ بعض هذه الصفحات يزورها عشرون ألف زائر يومياً، وأكثر من مائتي صفحة مشابهة تستقبل 1400 زائر يومياً؛ ولذلك صرَّحت وزارة العدل الأمريكية قائلة: لم يسبق في فترة من تاريخ وسائل الإعلام في أمريكا أنْ تفَشَّى مثل هذا العدد الهائل من مواد الدَّعارة، أمام هذه الكثرة من الأطفال، في هذه الكثرة من البيوت. كما تفيد الإحصائيات بأنَّ 63% من المراهقين الذين يرتادون صفحات وصور الدعارة لا يدري أولياء أمورهم بطبيعة ما يتصفحونه على الإنترنت. علماً بأنَّ الدراسات تفيد أنَّ أكثر مستخدمي المواد الإباحية تتراوح أعمارهم ما بين 12 – 17 سنة"([50]).
أولاً: المراد بحفظ النَّسل:
"وهي المحافظة على النوع الإنساني، بحيث يكون كل مولود يتربى بين أبوين، ويكون له كاليء يحميه، وإنَّ ذلك اقتضى تنظيم الزواج واقتضى منع الاعتداء على الحياة الزوجية، واقتضى منع العلاقات غير الشرعية أيَّاً كان نوعها، وعلى أيِّ صفةٍ كانت، بل اقتضى منع قذف البريئات والبرآء بالزنا، فإنَّ كُلَ هذا اعتداء على الأمانة الإنسانية التي أودعها الله تعالى جسم المرأة والرجل ليكون منها التناسل والتوالد الذي يمنع فناء الجنس البشري ويجعله يعيش عيشةً هنيئة سهلة، فيكثر النَّسل ويقوى، ولا يكون ذلك إلاَّ بالعلاقة الشرعية وحدها، ولا تكون إذا كان الذي يسود هو العلاقة غير الشرعية، فإنَّ الإنسان يكون كالحيوان المتأبّد الذي يعيش في الفيافي والقفار. من أجل ذلك كانت عقوبة الزنا، وعقوبة القذف، وغيرهما من العقوبات التي وضعت لجرائم فيها اعتداء على النَّسل، بأي طريق من طرق الاعتداء قريبة أو بعيدة"([51]).
ويجدر بالذكر هنا أنَّ بعض العلماء يطلقون على حفظ النَّسل: حفظ النَّسب، كالآمدي، والرازي، والقرافي، والسبكي([52]). وعدّوه من الضروريات، بحسبان أنه يترتب على فوات حفظه عواقب سيئة يضطرب لها نظام الأُمَّة ، وتنخرم بها دعامة العائلة([53]).
"والحق أنَّ حفظ النَّسب هو من وسائل حفظ النَّسل وصيانته، إذ إنَّ المحافظة على مقصد النَّسل يقتضي لزوماً المحافظة على النَّسب، إذ لا تتصور المحافظة على النَّسل بإهدار الأنساب أو اختلاطها، وأيَّاً كانت التسمية فالعبرة للمعاني، وهي متفقة .."([54]).
والبعض يعبِّر بـ (حفظ العِرض)، وبعض المعاصرين يرى إضافة (حفظ العرض)، إلى الضروريات مؤيِّداً في ذلك بعض العلماء من السابقين([55]).
ولكن يبدو أنَّ حفظ العرض "راجع إلى حفظ النَّسل، إذ إنَّ من وسائل حفظ النَّسل صيانة أعراض الناس، والذود عنها، ودفع أي مفسدة يمكن أن تصيبها"([56])، إذاً ينضوي (حفظ العرض) تحت (حفظ النَّسل).
ثانياً: آثار الإنترنت على النَّسل([57]):
وتتمثل تلك الآثار في الآتي:
الترويج والتحريض لممارسة الفاحشة
• مع الكبار أو الصغار، ويتم ذلك عن طريق نشر الصور الفاضحة والأفلام.
وأدى ذلك ويؤدي إلى انتشار الفساد الأخلاقي والشذوذ الجنسي، بما يؤدي بدوره إلى انتشار الأمراض الفتاكة والتحلل.
الاستغلال الجنسي للأطفال
• عن طريق نشر الصور الجنسية لهم عبر الإنترنت. بما استدعى عقد مؤتمر دولي عام 1999م بباريس، ومؤتمر آخر في نفس العام لمكافحة هذا الاستغلال بتوعية الناس وتحريم هذه الممارسات.
الترويج لبعض الممارسات الشاذة
• تجاه الكائن البشري بما يؤدي إلى التلاعب بتكوينه وخلقته التي خلقه الله تعالى عليها، وإلى اختلاط الأنساب وتشويه الإنسان… وذلك عبر ما يُعْرَف بالاستنساخ وغيره.
ثالثاً: كيفية حماية النَّسل من آثار الإنترنت([58]):
ويتم ذلك بالآتي:
بث الوعي بين كافة قطاعات المجتمع
• بآثار الاستخدام غير المشروع للإنترنت في نشر الفاحشة والتحريض على الفساد.
تكثيف التربية الإيمانية
• التي تعصم أصحابها عن الإقدام على مثل هذه الأفعال، أو التجاوب معها والتأثر بها.
تجريم كافة صور المعاملات التي تجري على الصور الجنسية
• عبر الإنترنت، سواء عن طريق إنتاجها، أو توزيعها، أو استيرادها، أو حيازتها، أو تخزينها، داخل جهاز الحاسوب، أو التعامل فيها بأي طريقة من الطرق.
إيجاد صور وأساليب مناسبة للرقابة
• بدايةً من الدولة ومؤسساتها، وانتهاء بالأُسر والأفراد بما يمنع أو على الأقل يُحد من الاعتداء على النسل من خلال شبكات المعلومات.
المبحث السادس
آثار الإنترنت على المال
المال ـ كما يقولون ـ عصب الحياة، بل هو في المنظور القرآن إحدى زينتيْ الحياة الدنيا: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )([59])، ومن ثَمَّ أُبيح التعامل في كل ما من شأنه تنمية المال للاستفادة منه، ولكن بالوسائل المشروعة: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ )([60]). وَنُهِيَ عن وضع المال في أيدي من لا يُحسن رعايته: (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً )([61]).
كل تلك التوجيهات ـ وغيرها كثير ـ فيها إشعار بأهمية المال وقيمته، والتنبيه لكل ما يمكن أنْ يكون مؤثراً فيه بالإيجاب أو السلب.
أولاً: المراد بحفظ المال([62]):
شرع الإسلام لإيجاد المال وتحصيله؛ السعي في مناكب الأرض والكسب المشروع وإحياء الموات، والاصطياد في البر والبحر، واستخراج كنوز الأرض، وشرع الإسلام في سبيل الانتفاع بالمال المعاملات الشرعية التي تكفل الحصول عليه وتوفيره للمسلم، والتبادل به، كالبيوع، والهبة، والشركات، والإجارة، وسائر العقود المالية.
وشرع الإسلام لحفظه وحمايته ومنع الاعتداء عليه أحكاماً كثيرة، فحرَّم السرقة، وأقام الحد على السارق، وحرَّم قطع الطريق، وسمّى فاعليه بالمحاربين لله، وأقام لهم حدَّا متميِّزاً، وهو حد المحاربين و قُطَّاع الطريق، وأجاز تقويم الأموال، وحرّم أكل أموال الناس بالباطل، واعتبر العقد عليها باطلاً، ومنع إتلاف أموال الآخرين، وشرع الضمان والتعويض على المتلِف والمعتدي.
كل تلك الأحكام تدلُّ على عناية الإسلام بحفظ المال، وهي أحكام تؤدي ـ إنْ تَمَّ الالتزام بها ـ إلى المنع من وقوع الضرر بأموال الناس، إذ إنَّ العقوبة الرادعة تؤدي إلى الحد من وقوع الجريمة وانتشارها. ولذا فإنَّ منهج الإسلام هنا لا يقتصر على التجريم والمعاقبة فقط، بل يتخذ من ذلك أسلوباً تربوياً، بالإضافة إلى تربية الأفراد على معرفة قيمة المال بحسبانه نعمة من الله تعالى لا ينبغي إهدارها بلا ضوابط، أو التساهل في حفظها، ولا يسوغ للإنسان أنْ يتلِف ماله الذي يملكه أو يسرف في صرفه وإنفاقه بحُجَّة أنَّه حقّه، قال تعالى: (وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )([63]).
ثانياً: آثار الإنترنت على المال([64]):
أصبح للإنترنت آثار واضحة على المال، وذلك من خلال التعامل التجاري بيعاً وشراءً، حيث انتشرت في الآونة الأخيرة التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت، ويتم ذلك بأنْ يتخذ فردٌ أو مؤسسة موقعاً على الشبكة العالمية World Wide Web للإعلان عن السلع التي يقوم بإنتاجها، وذلك لتسويقها ولإبرام العقود مع المستهلكين.. ثم تسلُّم البضاعة بوساطة المستهلك إمَّا بالطرق الإلكترونية عن طريق الإنترنت، إذا كانت من البرامج، أو الصور، أو الصحف الإلكترونية، أو الخدمات، كالاستشارات القانونية أو الطبيـة، أو يتم تسلُّمها فيما بعد إذا كانت ذات طبيعة مادية.
وعادةً ما يتم تبادل ـ من خلال موقع الإنترنت Web Site والصفحة Web page التي تمثله ـ بيانات تتعلق بمنتج أو موزِّع السلعة والعميل، وهي عادةً البيانات الخاصة باسمه، وعنوانه، ورقم بطاقة الائتمان المستخدمة في السداد، وطريقة تسليم السلعة أو الخدمة، لإتمام إجراءات التعاقد.
وصار في إمكان الناس الآن شراء وبيع أيّ منقول أو عقار أو تلقٍّ أو تقديم خدمة عن طريق الإنترنت دون أنْ يتطلب ذلك وجود أطراف العقد مادياً في ذات المكان أو الدولة أو وجود محل العقد في ذات مكان أحد المتعاقدين، أو أنْ تكون طريقة سداد ثمن المبيع نقداً أو بذات مكان وجود أطراف العقد.
إلاَّ أنَّ هناك آثاراً سالبة على أموال المستخدمين، يمكن تلخيصها في:
الاعتداء على بيانات المستهلك الخاصة،
• والتي ترتبط بحياته الخاصة أو التي تتعلق بتعاملاته المصرفية وأرقام بطاقة الائتمان.
الاعتداء بالنصب والسرقة أو خيانة الأمانة أو الغش عن طريق التجارة الإلكترونية
للحصول على البضائع والسلع والخدمات،
• حيث يقوم الجاني بتحويل كل أو جزء من أرصدة الغير
ـ مثلاً ـ أو فوائدها إلى حسابه الخاص، ويتم ذلك عن طريق إدخال بياناتٍ غير صحيحة ومغلوطة إلى جهاز الكمبيوتر.
إتلاف البرامج والمعلومات المعالجة آلياً
إمَّا بمحوها نهائياً أو تدميرها،
• أو بتشويه أو إعاقة تدفقها بحيث تقل كفاءتها، ويكون باستخدام أسلوب القنبلة المنطقية أو إدخال فيروس للبرنامج، أو سكب أحماض أو مواد كيميائية أو ملتهبة على الجهاز تؤدي إلى إتلاف البرامج والمعلومات.
التشجيع على السرقة، والنصب، والاحتيال، والغش
• ، ببيان أساليبها والترويج لذلك.
ثالثاً: حماية المال من آثار الإنترنت السالبة([65]):
قامت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي بوضع مشروع لقانونٍ موحَّد للتجارة الإلكترونية، كما قام الاتحاد الأوربي بوضع مشروع مشابه، وصدرت مجموعة من التوصيات عن البرلمان والمجلس الأوربي. كما صدرت عِدَّة قوانين للتجارة الإلكترونية في دولٍ مختلفة، حيث صدر قانون التجارة الإلكترونية بسنغافورة في عام
1998م، وصدر عام 2001م قانون التجارة الإلكترونية في جمهورية أيرلندا، وتمت الموافقة مؤخراً في دوقية لوكسمبورج على قانون التجارة الإلكترونية. وفي مصر تَمَّ تشكيل لجنة للتجارة الإلكترونية، وقد تَمَّ إعداد مشروع أوّلي عُرض على الجهات المعنية لإبداء الرأي فيه.
ونرى أنَّ الحماية المرجو تحقيقها تنطلق من كون تلك الأساليب المذكورة في (ثانياً) في التعامل مع المال من خلال الإنترنت تُشكِّل اعتداءات على إحدى الضروريات الخمس الواجب رعايتها، وهي اعتداءات ظهرت بصور وأشكال جديدة متطورة، تستدعي صياغة تشريعات وقوانين تنص على تجريم أعمال محددة مثل:
• صنع أو حيازة أو الحصول على نظام أو برنامج لإعداد إليكتروني دون موافقة صاحب الشأن.
• تزوير أو تقليد محرَّر أو توقيع إلكتروني أو شهادة اعتماد توقيع إلكتروني . أو استعمال محرَّر أو توقيع إلكتروني… مع العلم بعدم صحته.
• استخدام نظام أو برنامج للحيلولة دون إتمام المعاملات التجارية بالوسائل الإلكترونية، وذلك بالتعديل فيها أو محو بياناتها أو إفسادها أو تدميرها أو بتعطيل أنظمتها.
فالمخالفات المذكورة هي أهم صور للاعتداء على المال من خلال الإنترنت، وهي أصناف من الغش أو السرقة أو الغصب أو الإفساد. وكلها منهي عنها في الشريعة الإسلامية، ولها عقوبات حدية أو تعزيرية ومن ثَمَّ فإنَّ التعامل معها يكون بفقه السياسة الشرعية الذي يقوم على قواعد مثل: "تصرُّف الإمام على الرعيّة منوط بالمصلحة"([66])، والمقصود بذلك أنَّ تصُّرف الإمام وكل مَن وَلِيَ شيئاً من أمور الناس يجب أنْ يكون مبنياً ومعلَّقاً ومقصوداً به المصلحة العامة، أي ما فيه نفعٌ لعموم مَنْ تحت يده ، وما لم يكن كذلك لم يكن صحيحاً ولا نافذاً شرعاً… ويكون ذلك بمراعاة خير التدابير لإقامة العدل، وإزالة الظلم، وإحقاق الحق، وصيانة الأخلاق وتطهير المجتمع من الفساد، وتأمين البلاد من كيد المفسدين، وحفظ أموال الأُمَّة وثرواتها لتحقق النفع للناس([67]).
وهناك أيضاً قاعدة: "الضَّرر يُزال"([68]). وقاعدة: "الضرر يُدفع بقدر الإمكان"([69])، وهما تفيدان وجوب إزالة الضرر ورفعه بعد وقوعه، ومن باب أوْلَى دفعه والوقاية منه قبل وقوعه. وأنه يزال بضرر أقل منه، ويدفع بكل الوسائل المشروعة الممكنة([70]).
فإنْ كان الضرر عموماً تحرص الشريعة الإسلامية على إبعاده أو إزالته بشتى السبل؛ فمن باب أوْلَى أنْ تكون عنايتها بالضرر الواقع على ما يؤثر في حياة الناس في أمورهم الضرورية كالأموال.
ولذا فإنَّه يشرع سَنّ القوانين والتشريعات التي تضبط وتنظم التعامل المالي عبر الإنترنت، وتضع العقوبات المناسبة على المخالفات، وكل الترتيبات المتعلقة بالإجراءات الاحترازية، وسد الثغرات، وتتم الاستفادة من كل التجارب السابقة في هذا الإطار، مع مراعاة عدم تعارض شيء منها مع أحكام الشريعة الإسلامية.
خاتمة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد:
في نهاية هذا البحث ، نتناول ـ بإيجاز ـ أهم النتائج التي توصلنا إليها، ثم التوصيات التي نراها:
[أ] أهم النتائج:
[1] الشريعة الإسلامية ترعى مصالح الناس، وتسعى لإبعاد الضرر عنهم بكل الوسائل المشروعة. وهذا يرتبط بكل ما يستحدث في حياة الناس من تقنية.
[2] الإنترنت له آثار إيجابية وآثار سالبة على الدِّين، والنَّفس، والنَّسل، والعقل، والمال.
والمطلوب بيان تلك الآثار للناس، لاستثمار الإيجابي منها وتنميته، وتجنُّب السلبي منها ومعالجته.
[3] للأسرة دور كبير تقوم به في تحقيق الحماية عند استخدام الإنترنت. وكذلك للمؤسسات التعليمية والتربوية.
[4] الأنظمة والقوانين تشكل جانباً كبيراً من جوانب حماية مستخدمي الإنترنت من الآثار السالبة.
[ب] أهم التوصيات:
[1] بث الوعي والعلم بالدِّين لدى كافة قطاعات المجتمع، لأنه يشكل واقياً من كل الآثار التي قد تحدث باستخدام الإنترنت. وهذه توصية موجهة للمؤسسات الدعوية والتربوية.
[2] إيجاد المحضن الأُسري السليم الذي يؤدي إلى وجود الرقابة الحكيمة، والحماية لكل أفراد الأسرة من مخاطر الإنترنت.
وهذا تتولاه المؤسسات الاجتماعية، والأُسر نفسها هي التي تنفذ البرامج المناسبة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
lamyae bella

lamyae bella


عدد المساهمات : 51
نقاط : 98
تاريخ التسجيل : 02/07/2011
العمر : 25
الموقع : missour

آثار الإنترنت السالبة على المستخدمين Empty
مُساهمةموضوع: رد: آثار الإنترنت السالبة على المستخدمين   آثار الإنترنت السالبة على المستخدمين Emptyالإثنين 3 أكتوبر 2011 - 20:24

merci pour le sujet
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
آثار الإنترنت السالبة على المستخدمين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثانوية الإعدادية القاضي عياض ميسور :: منتدى الحاسوب :: عالم الانترنت-
انتقل الى: